الكاتب : د.رشا جليس

إنّ النّهاية الساخرة لبشر بن عوانة العبدي ليست جديدة أو مفاجئة في نظام المقامة الهمذانيّة بل هي استراتيجيّة من لعبة الكرنفاليّة السرديّة ومركزيّة الصعلوك في الهامش أمام المصير المنتظر لأبطال المقامة الهمذانيّة. وتخلق الحركة الدراميّة الهزليّة المستمرّة خاصيّة الاختلاق الدائم للموروث فكما هزم الجاحظ ببلاغة الصنعة وهزم غيلان ببلاغة الصمت وهزم إبليس في بحثه عن اللّذة وغيرهم من الأبطال والأدباء المهمشين هزموا كجزء من نظام الفكاهة السوداء يهزم بشر الصعلوك هنا ببلاغة المنظوم في يومه الأسود على يد الأمرد الذي كان بياضه كشقّ القمر وفاق منافسته’’فاطمة’’ جمالا وحسنا. هكذا وإن اختار بشر الصعلكة مطلبا لحريّته الفرديّة فقد آثار البقاء مجردا ومخلوعا من سلاحه وفروسيّته عقابا له على تمرّده وعبثه ويعود الهمذاني ساخرا متهكّما من أبطاله وضيوفه بالطريقة التي يرتحل إليه ويخلّد ابطاله فيه إلى الأبد.